في حياتنا اليومية كثير من المشاكل المختلفة منها ما يحل ومنها المعقد الذي يتطلب من نستشيره فيه ومنها المشاكل الزوجية والنفسية لدى بعض الشباب لكنها تحتاج الى بعض الحكمة والتريث في التفكير لحلها لظهور خيارات نستطيع من خلالها الحل المناسب.
تباغتنا في حياتنا كثير من المشاكل الزوجية والإجتماعية التي تخبئها الدنيا بين طياتها، منها ما يحل ومنها ما يحتاج أن نستشير العارفين فيها لإختلاف جوانب الحياة ومشكلاتها فلابد من أن نستعين بمن له خبرة في مشاكل الحياة المعاصرة، ولا خاب من إستشار.
زوج يسأل: فضيلة الشيخ أنا متزوج وأسكن مع زوجتي في بيت العائلة، أي مع أبي وأمي وأخواتي، ومن الطبيعي أن تكون هناك مشادات كلامية بين زوجتي وأمي، أو أختي وزوجتي إلى غير ذلك، لكن هذا يحصل غالبا في غيبتي، فزوجتي في الليل تحكي لي كل ما جرى بينها وبين أمي أو أختي، بدعوى التنفيس والترويح عن نفسها كما تقول، لأن عائلتها تسكن بمنطقة بعيدة جدا ولا تجد من تتحدث معه إلا أنا، وهذا يؤثر علي طبعا، ويحز في نفسي كثيراً، إذ أنه لاحول لي ولا قوة، ومدخولي المالي لا يسمح لي بشراء أو اكتراء منزل مستقل الآن، مع العلم أنني صارحتها قبل الزواج بأنني أسكن مع عائلتي بالمنزل، أنا الآن حيران، ولا أعرف ماذا أفعل، علما بأنني أراهم في أغلب الأوقات تسود المودة والمحبة، حواراتهم ولا أعرف من أصَدِّق، أرشدوني ماذا أفعل؟
لا شك أنه أصبح من الصعب لاسيما الآن حصول التوافق بين الأم والزوجة، أو الزوجة والأخت، وتتجدد المشكلات دائما بينهما بإختلاف نوعيتها.
وفي هذه الحالة تبرز حيرتك بين أهلك وزوجتك.. والأمر فيه صورتان، صورة تحكيها لك الزوجة بغرض التنفيس والترويح عن نفسها،، وصورة أخرى متناقضة تماما، وهو ما تراه بنفسك من مودة ومحبة بين زوجتك وأهلك، سواء الأم أو الأخت.
الأمر يحتاج منك أن تتناقش مع زوجتك بهدوء ودون أن تجرح أحاسيسها، فعندما تشكو من شيء فلتحاول أن تأخذ رأيها في ذلك الشيء، وتعرف منها كيف تصرفت، ومن هنا يكون مدخلك في الحديث معها الهدوء، وأن تبين لها كونك تقدر إستيعابها كل هذه المشادات الكلامية بهدوء وحكمة، وأن هذا ما تتوقعه منها، وتطلب منها ألا تضايقها أبدا تصرفات والدتك وأختك، وأن تتفهم ذلك لكونها أكبر من هذه الصغائر فتتغاضى عن الحدث بحكمتها وإتزانها وهدوئها وتسامحها، فإن تسامحها الدائم معهما سيكون رابطا من المودة والرحمة والألفة معهما.
ولا بد أيضاً أن تبين لها دائما أنك تعرف كم هي حريصة على نشر جو من السعادة والألفة في البيت، ولا شك أنك تتقبل تنفيسها في الكلام، ولكنك متأكد أنها تتجاوز كل هذه الأخطاء من أجل سعادة وإستقرار الأسرة.
وتحثها دائما وتخبرها أنها كلما أحسنت معاملة والدتك وأختك أذابت أي خلافات أو شوائب في النفس مما يخلق جوًّا من الحب والمودة، وأن تعتبرهما مثل أهلها، وفي الحقيقة لا أتفق مع زوجتك أن تحكي لك المشادات الكلامية بينها وبين أهلك، ويجب أن تتجاوز كل ذلك، أما كونها تحكي لك بغرض التنفيس والفضفضة فهذا ينم عن شيء خفي في نفسها، وهو عدم تقبلها أن تسكن معهما، ولذلك لابد أن تشرح لها ظروفك بأنك لا تستطيع أن توفر لها مسكنا خاصا بها، وتحاول أن تتكيف معهما وتعتبرهما من أهلها حتى تستقر الأمور، ووضِّح لها كم ستكون سعادتك عندما تشعر أن هذه المشادات الكلامية إنتهت أو قلَّت، وستقدر لها حنكتها وذكاءها في إحتوائها لكل المواقف من أجل سعادتك وسعادتها.
وإشرح لها أيضاً أنك تشعر بالضيق لتأثرها من هذه المشادات الكلامية، ولكنك على ثقة أن كل ذلك سينتهي، وستستطيع هي بحكمتها أن تحتويه، وبذلك تعطيها الثقة والحافز في أن تغير من أسلوبها وتتلطف مع والدتك وأختك.
ويجب أن تعرف زوجتك أنها تستطيع أن تفوز بقلبك بقدرتها على إحتواء المواقف وبهذا تحقق الحياة التي تتمناها.
وأوصيك بجمع العائلتين في مكان ليوم واحد من أجل النزهة، وحتى تشعر أنها تعمل شيئاً لأهلها مما يوجد نوعاً من التآلف والترابط العائلي.
كما أرى أن زوجتك تعاني فراغا يجعلها تركز في هذه التصرفات في حين أنها لو إنشغلت بشيء مفيد نافع يزيد إحساسها بذاتها ستنشغل عن هذه التصرفات والسلوكيات التي تعكرها، فمن الممكن أن تنشغل مثلا بدراسة أو نشاط إجتماعي نسائي يستثمر وقتها، وشاركها في إهتماماتها لتشعر بذاتها، وأعطها الإحساس بالثقة في النفس وإمنحها الأمل في الغد، فغدا أفضل من اليوم، وطالما أنكما تقودان سفينة الحياة بحب معا قلبا وعقلا متوكلَين على الله، فلا شك أن الله سيحقق أمانيكما وتحل جميع المشكلات.
والكلمة الطيبة معجزة واللمسة الرقيقة بلسم شاف لكل الجروح والآلام، وأحي فيها الباعث الإيماني على بر الوالدين وصلة الرحم مما سيفتح الله به عليكما البركة والأمان والسلامة. ووفقك الله لما فيه الخير.
بقلم: د.غازي الشمري.
المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.